2012/02/21

آلية عمل محرك السيارة


كثيراً ما نشاهد سيارات مفتوحة الغطاء, وإذا ما نظرنا إلى ما تحته وجدنا فيها:
المحرك البسيط المستور بغطاء,خصوصاً في السيارات الحديثة فلا نرى فيه شيئاً يدفعنا للتفكيرفي آلية عمله...
أو المعقد, مما يُذهل بتعقيده, ويشعرنا بعدم القدرة على استيعاب أجزائه...

وفي كلا الحالتين ننصرف إلى ما تقدمه  السيارة من سرعة وقوة وأداء, عن أبسط المبادئ في آلية حرق الوقود, وتحويل طاقته من حرارية إلى ميكانيكية حركية.
ألا ترى أنه من المعيب بأي إنسان أن يسمع أن صناع السيارات قد كسروا حاجز الـ400 كم/سا وهو لم يعرف مبدأ سير السيارة بعد ؟؟؟
فضلاً عما نسمعه في حياتنا اليومية من أسماء أجزائه: سلندر, بواجي, كولاس, بساتم ...
فكيف تتحرك السيارة ابتداءً من مفتاح التشغيل وحتى دوران العجلات؟
هذا ما سنناقشه, ولكن ببساطة, لأن المحرك عالم, وباب تطويره وتعقيده مفتوح على مصراعيه, ولن نتطرق لشيء من تعقيده في هذا الموضوع.
محرك الإحتراق الداخلي:

تنقسم المحركات إلى:
  1. نوع يعرف بــــ محرك الاحتراق الخارجي external combustion engine, وهو المستخدم قديماً في محركات القطارات البخارية والسفن البحرية, حيث يتم استخدام الطاقة الحرارية الناتجة من حرق الفحم لتبخير الماء, واستخدام ضغط البخار في دفع المكابس التي بدورها تكون متصلة بعامود الحركة لإدارة العجلات, ولكن هذا النوع من المحركات قل استخدامه, لقلة كفاءته وصعوبة تصنيعه وصيانته.
  2. أما النوع الثاني فيعرف بــــ محرك الاحتراق الداخلي internal ,combustion engine  وهو المستخدم حالياً في أغلب السيارات, لما لهذه المحركات من كفاءة في التشغيل, وسهولة تزويد السيارة بالوقود, وتكلفةُ تصنيعها أقل نسبياً من المحركات ذات الاحتراق الخارجي.
إن مبدأ عمل المحرك أشبه ما يكون بمبدأ "قذيفة المدفع", حيث يُوضع في الطرف الخلفي للمدفع بودرة البارود, وتوضع الكرة المعدنية في الفوهة, ولإطلاقها يتم إشعال البارود, فتتولد طاقة حرارية هائلة (انفجار) تزيد مقدار الضغط الذي يدفع الكرة المعدنية بقوة من الفوهة.
وكذلك المحرك, الذي يستفيد من حرق الوقود في داخله, لينتج قوة دفع تكفي لتحريك السيارة.

طبقات المحرك:
يمكن تقسيم المحرك إلى طبقات رئيسة في البداية, لتتفرع عنها بقية أجزائه, وهي رأسُ وقالبُ وقاع المحرك.
لدينا في الصورة الجانبية محرك من أربع اسطوانات متتابعة, وإن أهم طبقة هي القالب, حيث يحصل فيها الاحتراق.
    
خطوات عمل محرك:  

يعمل المحرك ذو الاحتراق الداخلي من خلال دورة متكاملة, يمكن تقسيمها إلى أربعة أشواط أساسية نذكرها على النحو التالي:



  1. شوط الأخذ Intake stroke
  2. شوط الانضغاط Compression stroke
  3. شوط الاحتراق Combustion stroke
  4. شوط العادم  Exhaust stroke
                         
 أسماء الأجزاء في صورة:
(A) الصمامات لإدخال الوقود والهواء Intake Valves
(B) غطاء الصمام Valve Cover
(C) فتحه لدخول الهواء (المخلوط بالوقود) Intake port
(D) هـــيد HEAD
(E) المبرد Coolant
(F) كتلة المحرك Engine Block
(ِِِِG) خزان الزيت Oil pan
(H) حوض الزيت Oil sump
( I ) عمود ناقل الحركة أعلى الصمامات Camshaft
(J) الصمامات لاخراج ناتج الاحتراق Exhaust Valves
(K) البوجيه Spark plug
(L) فتحة العادم Exhaust port
(M) المكبس Piston
(N) عمود التوصيل Connecting rod
(O) بيرنج عمود التوصيل Rod bearing
(P) عمود الكرنك Crank shaft
 
وصف الدورة الكاملة:

إن أجزاء المحرك كلها تدور مع بعضها, وعلى الرغم من أننا قد نحدد بداية الدورة إلا أن البداية الحقيقة هي بتشغيل المحرك انظر فيديو تشغيل المحرك حيث يتابع  بها المحرك دورانه بعد توقفه آخر مرة, ولذلك فإنه يصعب تحديد القطعة الأولى التي تدوّر البقية. 
  1. شوط الأخذ: بدوران عمود الكام (I) تتحرك الحدبة الزرقاء المقابلة للاسطوانة فتفتح صمام إدخال الهواء (A) المخلوط برذاذ البنزين بنسبة(1/15) وسطياً, عن طريق النابض, فيدخل الخليط من (C) إلى اسطوانة الاحتراق أثناء نزول المكبس (M) وصولاً إلى النقطة الميتة السفلى(آخر نقطة يصل إليها المكبس في نزوله),وهذا الشوط موضح في الفترة المحددة باللون الأصفر.
  2.                          
  3. شوط الانضغاط: بعد انتهاء الإدخال يُغلق صمام الأخذ, ثم يبدأ المكبس في الحركة للأعلى ليضغط خليطَ الوقود والهواء, وبهذا ترتفع درجة حرارته تدريجياً, مما يساعد على رفع كفاءة الاحتراق, ينتهي الشوط بوصول المكبس إلى النقطة الميتة العليا, وهذا الشوط موضح في الشكل باللون البنفسجي.
  4. شوط الاحتراق: في اللحظة التي يصل إليه المكبس إلى أعلى ارتفاع له يصبح الخليط ذا ضغطٍ عالٍ, جاهزاً للاحتراق المثالي, فتنطلق شرارة كهربائية من البوجي (K) لينتج عنها احتراق (انفجار) لخليط الهواء والبنزين, فترتفع كلٌ من درجة الحرارة والضغط ارتفاعاً هائلاً, مما يدفع المكبس بقوة إلى الأسفل, وهذا الشوط موضح باللون البرتقالي.
  5. شوط العادم: عندما يصل المكبس في حركته للأسفل إلى أدنى نقطة له يفتح صمام العادم (J) لتخرج نواتج الاحتراق من اسطوانة الاحتراق من (L) ومنه إلى العادم خارج السيارة, ويرتفع المكبس نتيجة لدوران عمود الكرنك شفت (P) إلى الأعلى, طارداً ما تبقى من نواتج الاحتراق, ليبدأ دورة جديدة بسحب كمية جديدة من الهواء والوقود, وهذا الشوط موضح باللون الاخضر.
لاحظ أن حركة المكبس كانت دائماً حركة رأسية للأعلى وللأسفل ولكن هذه الحركة تتحول بواسطة عمود الكرنك شفت (P) إلى دائرية وهو يوصل المكبس إلى قاع المحرك ليغمره في الزيت من أجل تقليل الاحتكاك أثناء الدوران وينتقل الدوران من عمود الكرنك شفت إلى علبة السرعة ومنها إلى ناقل الحركة (الدفرنس) الموصول بالعجلات فتتحرك السيارة للأمام أو للخلف حسب الترس المختار. 
وبعد الانتهاء من أساس حركة السيارة نعرض أهم المقاطع لتمام فهم الآلية مئة في المئة مع بقية جوانبها فما سبق ذكره هو مجرد عناوين بلا شرح.

المحرك (وهو هنا ذو أربع اسطوانات 
وثمانية صمامات وعمود كام واحد)

نظام بدء التشغيل

علبة السرعات


نقل الحركة إلى العجلات
 
أشكال المحرك:

يتخذ المحرك شكلاً محدداً بحسب توضّع الاسطوانات فيه, فليس للمحرك ذي السلندر الواحد شكل, أما عندما يحوي اسطوانتين إلى خمس فغالباً ما يشكّل حرف (I) حيث تكون السلندرات متتابعة في خط مستقيم, كما في المقاطع السابقة, وكما في الشكل...
فلو تخيلنا خطاً يبدأ من أسفل نقطة في عمود الكرنك شفت الأخضر وينتهي بأعلى نقطة في المكبس الرمادي لتشكل الحرف (I).
يتميز هذا المحرك بشدة التحمل, وطول العمر, وسهولة الصيانة والتوضيب.
وهذه بعض الصور له:

محرك I4 بأربع اسطوانات مستقيمة
محرك I5 بخمس اسطوانات مستقيمة


وقد يأتي محرك بأربع أو ست اسطوانات بخطين متوازيين على الشكل الآتي:
وهو ما يعرف بالشكل (L),
إلا أنه قليل جداً في عالم السيارات, يتصف بشدة قوته وعزمه الكبير مقارنة بالأشكال الأخرى, وذلك بسبب ضعف مقاومة الجاذبية إلى حد كبير, ومن عيوبه أنه يحتاج إلى صيانة أكثر, وخاصة في رؤوس المحرك ( الهيد ) لأن أغلب الضغط عليها.

أما عند الست اسطوانات فالشركات تختلف, فالأغلبية تفضل توزيعها بثلاث اسطوانات على جنبين بدلاً من تطويل المحرك في خط مستقيم, فيتولد شكل حرف (V), كما في الشكل التالي:



ولطالما رأينا الرموز: V6 , V8 , V10 , V12 وهي تعني شكل المحرك مع ما يحوي من سلندرات, وإليكم بعض الصور يتضح فيها هذا الشكل:
محرك هوندا V6

محرك شفروليه V8
محرك فايبر V10
أما البعض الآخر فلم يجد حرجاً في وضع ستة سلندرات في خط مستقيم
محرك BMW I6 في خط مستقيم

ويتفرع عن الشكل (V) لمن لم يكتف بجانبين فأراد أربعة, الشكل (W), حيث دمج محركي V8 أو V6 ليشكل محركي W16 ,و W12
V V = W
W12

W16
ميزات محركات V: يوفر مساحة كبيرة في الحجرة حتى لو كان ضخماً, مما يسهل تصغير حجم السيارة وبالتالي تخفيف وزنها.
وهو أسرع وأنشط, خصوصاً على الدوران الواطي (منخفض الـ RPM), تقل فيه مقاومة الجاذبية بسبب ميل السلندرات.
مكونات محرك السيارة:


الاسطوانة
السلندر
  Cylinder
هذا هو الجزء الرئيسي للمحرك, وعادة ما تحتوي محركات السيارات على أربع اسطوانات أو ست أو ثمان, ولا نجد اسطوانات فردية 7, 9, في السيارات الإنتاجية, كما أن عددها لم يتجاوز الـ16 إلى الآن, أما في الدراجات النارية فقد تجد 48 اسطوانة بسعة صغيرة جداً.


البوجيه
الشمعة
Spark plug
وهي التي تولد الشرارة الكهربائية في لحظة انضغاط الخليط لتحدث الاحتراق, و لا توجد هذه القطعة في محركات الديزل (المازوت) حيث يحترق الوقود نتيجة لارتفاع حرارته.
الصمامات Valves لكل اسطوانة صمامان, واحدٌ لإدخال الوقود والهواء, والثاني لإخراج ناتج الاحتراق, وكلاهما يفتحان ويغلقان حسب الشوط, ولكن في حالة شوطي الانضغاط والاحتراق يغلقان تماماً, وبعض المحركات يحوي أربعة صمامات للسلندر, اثنين للإدخال واثنين للإخراج.
المكبس
البستون Piston
وهو قطعة من الصلب, تتحرك للأعلى والأسفل داخل الاسطوانة, وقد تحدثنا عن أهميتها في دورة المحرك.
حلقات المكبس 
Piston rings
توجد حلقات المكبس بين الجزء الخارجي للمكبس والجزء الداخلي للاسطوانة, لتسمح بحركة المكبس دون تسريب خليط الوقود والهواء, أو ناتج الاحتراق, كما تمنع من تسريب الزيت إلى داخل الاسطوانة, وعادة ما يحتاج المحرك إلى تغيير هذه الحلقات إذا لوحظ نقصان متكرر في معدل الزيت لأنه يكون قد تسرب إلى داخل الاسطوانة.
غرفة الاحتراق
Combustion chamber
وهي المساحة التي يحدث فيها الانضغاط والاحتراق, وكما لاحظنا فهي تتغير بين قيمة صغرى (عند الانضغاط), وقيمة عظمى (عند سحب الخليط), إن الفرق بين القيمة العظمى والقيمة الصغرى تسمى الإزاحة Displacement, وتقاس بوحدة الليتر أو السنتمتر المكعب (1000 سنتمتر مكعب تعادل لتر).  فإذا كان المحرك يحتوي أربع اسطوانات بحيث إن كل اسطوانة تعمل إزاحة نصف لتر يكون سعة المحرك 2 لتر، أما إذا كان عدد الاسطوانات 6 على شكل حرف V فإن سعة المحرك في هذه الحالة تكون 3 لترات وتكتب "3.0 liter V-6."
بصفة عامة
تعطي سعة المحرك معلومات عن قوة المحرك, فمحركٌ باسطوانة تعمل إزاحة بمقدار نصف ليتر يستهلك من الوقود ضعفين ما يستهلكه محرك باسطوانة تعمل إزاحة مقدارها ربع ليتر, وهذا يعني أن قوة المحرك ذي السعة الأكبر أعلى من قوة المحرك ذي السعة الأقل.
يمكن زيادة إزاحة المحرك إما بزيادة عدد الاسطوانات, أو بزيادة حجم الاسطوانة نفسها, أو بالاثنين معاً.
عمود التوصيل
Connecting rod
وهو العمود الذي يصل المكبس مع عمود ناقل الحركة Crank shaft, والذي يجعله يدور في حركة دائرية, ورمزه (N) في الصورة السابقة.
Crank shaft
وهو الذي يعمل على تحريك المكبس للأعلى وللأسفل.
وعاء الزيت Sump
وهو قاع المحرك, يحتفظ بالزيت ليغمر عمود الكرنك Crank shaft ومعه المكبس, وإن لزيت المحرك أهمية كبيرة في مرونة دورانه, فالمحرك يتعرض لدورات سريعة لا يكاد يستوعبها عقلنا, يختلف الحد الأقصى لدوران المحرك من سيارة لأخرى, لكن أشهرها يكون من 5 آلاف دورة إلى 9 آلاف, فلو أخذنا دوران سيارة تبلغ الـ6 آلاف دورة في الدقيقة (6000 RPM), لكان الحاصل مئة دورة في الثانية, أي إن المكبس ينزل ويصعد مئتي مرة في الثانية !!!  وفي هذا مالا يستوعبه العقل, من هنا نعلم ضرورة الزيت في حركة المكبس.
 

الجزء الخارجي للمحرك:
إن عملية الاحتراق هي النقطة الأم في تحرك السيارة, إلا أنه يلحق بها دورات خارجية لا بد منها لتعمل السيارة بشكل صحيح, فهناك دورة الماء في المحرك للتبريد, ودورة كهربائية لتوزيع الشرارة الكهربائية على الاسطوانات, وهناك دورة التغذية الكهربائية لشحن البطارية, ودورة الوقود والهواء, ودورة التحكم بإغلاق وفتح الصمامات, وكل هذه الدورات يجب أن تعمل معاً وبشكل متكامل, وأي خلل في أحدها يؤدي إلى توقف المحرك بعد إحداث خلل فيه.
مع رجائي بتمام الفائدة.



Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...